ملخص تتناول هذه الدراسة المراحلَ التي مرت بها علاقات تركيا مع حلف الناتو خلال مسيرة تتجاوز ستين عامًا، منذ أن انضمت تركيا إلى الحلف في نيسان 1949، والصعوباتِ الأساسية التي واجهتها، والمدى الذي تمكنت فيه الأطراف من تلبية الاحتياجات المتبادلة، والجهاتِ المحتملة التي يمكن أن تتطور إليها هذه العلاقات، والمصاعبَ التي ستلازمها، والتدابيرَ الواجبة حتى تتفادى هذه المصاعب. وتقدّم الدراسة مجموعة من المقترحات، مثل التأكيد بشكلٍ واضحٍ وصريحٍ أن كل دولةٍ من الدول الأعضاء في الحلف مسؤولةٌ عن الدفاع عن تركيا في حال تعرض أراضيها لهجومٍ مسلحٍ
المدخل:
في عام 1952 انضمت تركيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي وُقِّعَ عليه في 4 نيسان 1949 في واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبرته حلفًا يعزز الهوية (الغربية)، إلى جانب ضماناته التي امتدت سنوات طويلةً في مجال الدفاع والأمن. فالناتو الذي كان حتى وقت قريبٍ يملك مهمّةً ساميةً في نظر الشعب التركي ولدى قسمٍ كبيرٍ من المسؤولين الأتراك- فقد ميزته هذه مع مرور الوقت، وبدا يُعدّ منظمةً تهدد سيادة تركيا ووحدتها الوطنية. وبعد محاولة الانقلاب التي وقعت ليلة الجمعة 15 تموز 2016 على يد شخصياتٍ عسكريةٍ رفيعة المستوى في القوات المسلحة التركية من أتباع تنظيم غولن الإرهابي لوحظ أن قسمًا كبيرًا من الشعب التركي يعتقد أن الناتو وراء هذه المحاولة. ويمكن القول إن المعلومات التي انعكست على الصحافة بأن قادةً رفيعي المستوى من قيادة الفرقة الثالثة التي أسستها القوات المسلحة التركية في مَصْلَك بإسطنبول من أجل المشاركة في عمليات الناتو، والتي يعمل فيها عددٌ كبيرٌ من ضباط الدول الحليفة- كان لهم دورٌ كبيرٌ في تبلور هذا الاعتقاد، إضافة إلى عوامل كثيرةٍ أخرى[1].
والمهمّة الأخرى للضباط الأتراك وضباط الدول الحليفة الذين يعملون معًا منذ سنوات طويلةٍ هي جمع المعلومات، والاطلاع على ما يجري في الأوساط المحيطة بهم، وإن كان هذا الأمر لا يُذكر علنًا بين مهامهم الرسمية. ولم يكن الشعب التركي يقبل بسهولةٍ إخفاق ضباط الدول الحليفة الذين لديهم خبرةٌ واسعةٌ وباعٌ طويلٌ في هذا الموضوع في معرفة ما كان يقوم به بعض شركائهم الضباط الأتراك في الحلف منذ أشهرٍ طويلة من تخطيط لمحاولةٍ انقلابيةٍ خارج الأعمال الروتينية اليومية. بقي أن الوضع يزداد سوءًا عندما يكون جهل هؤلاء الضباط صحيحًا، إذ تتعزز الثقة عندئذٍ بعدم قدرة الضباط المحسوبين على حلف الناتو الذين لم يستطيعوا أن يكتشفوا المحاولة غير الشرعية التي خطط لها أشخاصٌ يشاركونهم الوسط ذاته- أن يكتشفوا الخطط التي تُصمَّم في دول غير صديقة.
تشير التطورات الأخيرة إلى تردّي العلاقة بين تركيا والناتو. وإذا كانت الأطراف في حلف الناتو حريصة على استمرار التحالف من خلال تحديد المشكلات من قبل المسؤولين الأتراك وقيادة الناتو واتخاذ التدابير اللازمة- فلا بدّ من تعيين مجالات التعاون البنّاء في المستقبل، وتنفيذها على أرض الواقع في أقصر وقت ممكن.
- المشكلات البنيوية والظرفية:
كان الناتو طيلة سنوات الحرب الباردة حلفًا يوحي بالأمن؛ لأنه يتكون من البلدان المتقدمة التي تنسجم مع الهوية الغربية التي يصف بها حكامُ تركيا والشعب التركي أنفسهم؛ نظرًا لموقع تركيا الإستراتيجي، ويملك أقوى أنظمة السلاح وأكثرها تقدّمًا وبريستيجًا على الصعيد العالمي. وبسبب هذه التقييمات التي تستند إلى مثل هذه المعايير السطحية لم يناقش الرأي العام التركي عضوية الناتو، ولا الثمار الناجمة عن هذه العضوية بشكلٍ واضحٍ ووافٍ طيلة السنوات الطويلة التي حملت معها مشكلات أمنية جادة بالنسبة لتركيا. ويعود السبب الرئيس لهذا الوضع إلى استمرار عمليات الردع المتبادل طيلة فترة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو الذي أسسه وحلف الناتو- استنادًا إلى توازناتٍ حساسةٍ جدًّا.
فكان يتم العمل على حلّ المشكلات بواسطة محاولات إقناعية متبادلة تتمّ خلف أبواب موصدة من دون أن تنعكس كثيرًا على الرأي العام؛ تجنبًا لظهور الناتو بموقف الضعف عند حصول تباينٍ عميقٍ في آراء دول الناتو أمام المشكلات الأمنية التي كانت تتصورها وكيفية حلّها. وكان وضع تركيا في الناتو يتميز كثيرًا عن وضع البلدان الأخرى، سواء بسبب موقعها الجغرافي أم بسبب العلاقات التاريخية التي تربطها مع أبرز دول الحلف كفرنسا وبريطانيا.
الشرق الأوسط في نظر الدول الحليفة الأوربية (منطقة خارج مجال الاهتمام):
عارض عدد من دول أوربا الغربية وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا انضمام تركيا واليونان إلى حلف شمال الأطلسي في إطار (سياسية احتواء) الاتحاد السوفياتي التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية. والسبب الأساسي الكامن وراء هذا الاعتراض هو القلق من احتمال نقل تركيا مشكلات دول الجوار في منطقة الشرق الأوسط إلى الحلف في حال حصلت على العضوية التامة. فكانت أوربا الغربية تخاف من إقحام حلف الناتو في مشكلةٍ يمكن أن تعيشها تركيا مع دول الجوار في منطقة الشرق الأوسط التي يهتم بها الاتحاد السوفياتي اهتمامًا بالغًا، وتتطَوّر فيها تحالفات غير مكتوبةٍ إلى صراعاتٍ ساخنةٍ، فتتفاقم المشكلة التي تبدأ على صعيد ثنائي مع الدول الواقعة في جنوب تركيا، وتؤدي إلى مجابهةٍ حقيقيةٍ بين حلف الناتو وحلف وارسو.
بموجب المادة الخامسة التي تعرّف التضامن داخل حلف الناتو توصّلت دول حلف الناتو إلى قرار مشترك ينصّ على أن: "كلَّ هجومٍ مسلَّحٍ على واحدةٍ أو أكثر من دول أوربا وأمريكا الشمالية هو هجومٌ مسلحٌ عليها جميعًا...، ويجب عليها الإسراع في مساعدة الطرف أو الأطراف التي تعرضت للهجوم عبر القيام بما يلزم، بما في ذلك استعمال القوات المسلحة بصورةٍ فرديةٍ، أو بالتعاون مع الأطراف الأخرى"، وبموجب المادة السادسة من حلف الناتو اتفقت الأطراف على اعتبار "أي هجومٍ على أراضيها في أوربا أو أمريكا الشمالية أو منطقة الجزائر التابعة لفرنسا أو على الأراضي التركية... ويجب على الطائرات أو السفن أو القوات المتواجدة في أجواء هذه الأراضي الرد"- هجومًا على جميع دول الأعضاء في الناتو. ولكن عندما يكون الأمر متعلقًا بأمن تركيا رأينا أن دول أوربا الغربية الحليفة تبلغ الطرف التركي بعباراتٍ واضحةٍ وصريحةٍ وفي أوساطٍ غير رسميةٍ أنها غير مستعدة لأداء المسؤوليات الملقاة على عاتقها تجاه تركيا إلا في حال تعرضها لهجومٍ من الاتحاد السوفياتي وبلغاريا جارتها الشمالية الغربية العضوة في حلف وارسو[2]. بتعبيرٍ آخر كانت لدى دول أروبا الغربية الأعضاء في الناتو مقاربة تجاه تركيا على الشكل الآتي: "اكتفِي بضمانات الحلف في موضوع الأمن النووي التي تردع أي هجوم قادم من الاتحاد السوفياتي، وحذارِ أن تعيشي مشكلات مع دول الجوار، مثل سوريا والعراق وإيران وإلا فلن تجدينا بجانبك؛ لأن أولوياتنا هي التهديدات التي يمكن أن تأتي من حلف وارسو، ومنطقة الشرق الأوسط خارج مجال اهتمامنا".
اختلاف تقييم التهديدات والأولويات المتصادمة:
من الصعب القول إن الولايات المتحدة الأمريكية التي تشكل الدولة الزعيمة بدون منازع في الحلف نظرًا لقوتها الاقتصادية والعسكرية- تتبنى مواقف من شأنها أن تزيل المخاوف الأمنية لتركيا التي هي عضو في حلف الناتو في حال لم تشارك الدول الأوربية الأعضاء في الناتو، باعتبار أنها تَعدّ الشرق الأوسط (منطقة خارج مجال الاهتمام) طيلة فترة الحرب الباردة، وقدمت مقترحات من أجل التعاون الأمني ثنائي الصعيد مع تركيا فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط التي لها فيها مصالح عميقة.[3]
وأكثر الأمثلة الملموسة عن هذا الوضع هي أزمة (رسالة جونسون) التي حصلت عام 1964. فبعد أن أرسلت تركيا طائراتها الحربية إلى قبرص ردًّا على هجوم شنه الروم على قرية تركية في قبرص في نهاية عام 1963 أرسل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ليندون جانسون رسالةً إلى رئيس الجمهورية آنذاك عصمت إينونو، أكّد فيها أن لا تستعمل تركيا الأسلحة التي وصلتها على شكل مساعدات أمريكية خارج مهامّ الناتو، وقال: "إن الولايات المتحدة الأمريكية وبقية دول الحلف لن تعمل بمبدأ الدفاع المشترك المنصوص عليه في المادة الخامسة في حال حصل تدخل من الاتحاد السوفياتي"، وقد أدّت هذه الرسالة إلى التساؤل حول مكانة الحلف وقيمته بالنسبة للأمن في تركيا[4].
وردًّا على المحاولة الانقلابية التي حصلت في تموز 1974 من أجل إتباع قبرص لليونان تدخلت تركيا عسكريًّا مستعملة حقوقها الناجمة من كونها الدولة (الضامنة) لجمهورية قبرص التي أُسِّست في آب 1960 نتيجة اتفاقات تم التوصل إليها في زوريخ ولندن في شباط 1959. فتعرضت بشكل مشابهٍ إلى حظر الأسلحة العسكرية الذي فرضه عليها حليفها الأمريكي من خلال مجلس الشيوخ الأمريكي خلال الأعوام 1975-1978 مقابل تحقيق الاستقرار والسلام في قبرص.
يمكننا أن نورد مزيدًا من الأمثلة الواردة آنفًا، ولهذا السبب يصعب القول بوجود انسجامٍ قويٍّ بين تركيا وحلفائها في الناتو في المقاربة الخاصة بالأمن العالمي، رغم أنه لم يجر النقاش حول هذا الموضوع، كما تتم مناقشته حاليًّا في الرأي العام التركي.
الأدوار المرسومة لتركيا ضمن الحلف ومخاطرها:
إن دول الحلف التي تبدي مواقف تخالف جوهر المادتين الخامسة والسادسة من الحلف ونصهما، ولا تبدي التضامن اللازم لصد الهجمات الإرهابية التي تتعرض لها تركيا، وهي التي تملك قرائن وأدلة قوية بأن هذه الهجمات تتلقى دعمًا لوجستيًّا من دول جوارٍ في منطقة الشرق الأوسط- كان توقعها الفريد من تركيا أن تسحب قسمًا كبيرًا من قواتها العسكرية إلى حدود الاتحاد السوفياتي. فالدول الأوربية الأعضاء في حلف الناتو كانت تخاف كثيرًا من أن يستعمل الاتحاد السوفياتي السلاح التقليدي أو السلاح النووي أو يهدد باستعماله من أجل بسط إراداته السياسية على الحلف. فكان الدور المرسوم لتركيا في هذا الإطار هو حمل الاتحاد السوفياتي على الاحتفاظ بقوةٍ عسكريةٍ كبيرةٍ في بلاد القفقاس بشكلٍ يصعب معه التخطيط لعمليةٍ عسكريةٍ تقليديةٍ يتم إطلاقها من قبل حلف وارسو والقيام بها.
ويعود السبب في نشر الاتحاد السوفياتي طيلة فترة الحرب الباردة ما يزيد عن 25 فرقةً في منطقة القفقاس إلى معرفته بالقدرات العسكرية التي تتمتع بها القوات المسلحة التركية التي تملك عتاد الناتو، وبأدائها العالي في الاستعدادات الحربية، وربما لو لم تكن تركيا عضوًا في حلف الناتو لقام الاتحاد السوفياتي بنقل جزءٍ كبيرٍ من جنوده الذين نشرهم في منطقة القفقاس بأعداد تزيد على 300 ألف عسكري؛ إلى أوربا الوسطى، ولزادت التهديدات القادمة من حلف وارسو بشن هجومٍ تقليديٍ قوي على أوربا الغربية[5]. فأسهمت تركيا إسهامًا كبيرًا في تخفيف التهديدات الموجّهة إلى الدول الأوربية في حلف الناتو من خلال سحب تهديدات الاتحاد السوفياتي إليها. فظلت تركيا تخصص من ميزانيتها قسمًا كبيرًا للنفقات العسكرية، في حين قلّلت الدول الأوربية الغربية نفقاتها العسكرية كونها تعيش في أوساطٍ أكثر أمنًا، ووجدت فرصةً لإضافة مزيدٍ من الموارد لاقتصاداتها.
الاتحاد الأوربي في أعقاب الحرب الباردة ومحاولاتها لتكون (القوة العالمية):
وفي الفترة التي تلت الحرب الباردة التي طويت صفحاتها إثر انهيار حلف وارسو في تشرين الثاني 1989، وتفكك الاتحاد السوفياتي في كانون الأول 1991 يلاحظ عدم زوال التباين في وجهات النظر الناجمة عن المشكلات البنيوية في المقاربات المتعلقة بالموضوعات الأمنية بين تركيا وحليفاتها في الناتو. فكانت أجندات اجتماعات قمة الناتو في التسعينيات من القرن الماضي تتناول من جهةٍ تعزيز الحلف من خلال ضم بلدان الكتلة الشرقية القديمة إلى بنيته تزامنًا مع إستراتيجية ألمانيا في توسيع الاتحاد الأوربي باتجاه الشرق، وكانت تتناول من جهة أخرى اتخاذ التدابير اللازمة للتخلص من انعدام الاستقرار الناتج عن احتمالية انتشار الصراعات الإثنية والدينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبلاد القفقاس والبلقان المجاورة للدول الأعضاء في حلف الناتو.
واستمر تردّي علاقات التحالف بين تركيا والدول الأوربية الأعضاء في حلف الناتو التي ليس لها منافسٌ معينٌ والولايات المتحدة الأمريكية التي باتت تُعرف (بالقوة العالمية العظمى)؛ وذلك بسبب مواقفها الاستسلامية التي لم تمنع التطهير الديني والعرقي الذي حصل أمام عينيها في بلاد البلقان، ولم تجد حلًّا للتنازع على الأرض بين أذربيجان وأرمينية في منطقة القفقاس، ومهّدت الطريق أمام التنظيمات الإرهابية التي ظهرت في منطقة الشرق الأوسط حتى لا تكون (هدفًا لهذه التنظيمات). وبات الاتحاد الأوربي يحلم بأن يكون (قوةً عالميةً عظمى)، فقرّر المسؤولون في الاتحاد الأوربي الذين يؤمنون بضرورة توسيع قدراتهم على التحرك وإعطاء القرارات في المسائل الأمنية العالمية بصورةٍ مستقلةٍ عن الولايات المتحدة الأمريكية- أن يبنوا الهوية الأمنية الدفاعية الأوربية (AGSK) من أجل اتباع سياسةٍ في هذا المنحى[6].
وكان هناك خياران أساسيان لبناء هذه الهوية: الخيار الأول هو أن تسحب دول الاتحاد الأوربي من الحلف قدراتها العسكرية التي خصصتها له، وتبني منظمةً عسكريةً تحت سقف جديد لا يضم إلا دولًا أوربية. وهذا الخيار كان بمثابة انهيارٍ لحلف الناتو على الأقل، إضافةً إلى كونه إعادة هيكلةٍ وغموضٍ قد يظهر خلال الفترة التي ستمر بصعوباتٍ وتكاليف مادية تتطلبها تكييف القوانين والتجهيزات العسكرية المختلفة لبلدان الكتلة الشرقية القديمة مع دول أوربا الغربية، وهذا بالتأكيد أمر لن توافق عليه الولايات المتحدة الأمريكية.
أما الخيار الثاني فهو أن تستعمل دول الاتحاد الأوربي الأعضاء حاليًّا في حلف الناتو قدرات الحلف وإمكاناته في إطار القرارات التي سيأخذها. وهذا يتطلب من الدول الأعضاء في حلف الناتو ممن ليست لها عضوية في الاتحاد الأوربي، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والنرويج وتركيا أن تقدم تعهدات مفتوحة غير مشروطةٍ بأنها لن تعترض على استعمال الاتحاد الأوربي لقدرات الحلف وإمكاناته في إطار السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة (AGSP) التي يحددها. ولكن هناك أمرٌ مهمّ جدًّا ينبغي ألا يغيب عن الأذهان ألا وهو أن أربع عشرة منطقةً من أصل ست عشرة منطقةً حيث سيناريوهات الصراعات الساخنة التي يُتوقَّع أن يتدخل فيها الاتحاد الأوربي- هي مناطق قريبة من تركيا إما جغرافيًّا أو تاريخيًّا، وهذا ما يزيد من صعوبة المشكلة بالنسبة لتركيا. أكدت تركيا باستمرارٍ ضرورة أن يكون لها مكانٌ في عملية اتخاذ القرار بشأن استعمال السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة للاتحاد الأوربي؛ لأن مصالحها الوطنية ستتأثر حتمًا بالنتائج المحتملة من التدخل الأوربي في حال استعمال الاتحاد الأوربي إمكانات وقدرات حلف الناتو الذي تُقدِّم له تركيا إسهاماتٍ مهمّة، ولاسيما في مجال الاستخبارات.
كانت دول الاتحاد الأوربي تعلم أنها لن تستطيع استعمال قدرات حلف الناتو وإمكاناته في إطار السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة للاتحاد الأوربي من دون موافقة الجانب التركي، فرجّحت أن تضغط على تركيا بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تخاف أن يؤدي الخلاف إلى انهيار حلف الناتو؛ على أن تلبي مطالب تركيا المحقة في الانخراط على الأقل في مرحلة التخطيط في آليات اتخاذ القرار، فكان ذلك سببًا في وصول العملية إلى طريق مسدود[7]. ولا يمكن القول هنا إن المشكلة قد حُلَّت نهائيًّا في وقتنا الحالي رغم أن الأطراف وقعت على معاهدة أنقرة التي تسمى بالصيغة البينية في كانون الأول 2000، نظرًا لإصرار الأطراف على مواقفها الأولية.
دول الحلف الأوربية وموقفها المتحفظ تجاه الشرق الأوسط:
يُلاحَظ أن التباين العميق في وجهات النظر بين تركيا ودول حلف الناتو الأوربية المتعلقة بالتهديدات القادمة من منطقة الشرق الأوسط لم يتغير كثيرًا على مدار ربع قرن من تاريخ انتهاء الحرب الباردة. ففي الأشهر التي تلت احتلال الكويت من قبل العراق في آب 1990 طلبت تركيا من حلفائها في الناتو أن تبدي تضامنًا واضحًا عبر نشر فريق الحالات الطارئة في أراضيها في كانون الأول 1990، آخذةً بالحسبان احتمال انتشار التطورات الجارية في دول الجوار وتفاقمها. ولكن دول أوربا الغربية الأعضاء في حلف الناتو قالت: إن منطقة الشرق الأوسط (خارج) مجال عمليات الناتو، وتباطأت في الالتزام بالتعهدات التي وقعت عليها بموجب المادة الخامسة. وجاء جواب الدول الأوربية في الحلف في كانون الثاني 1991 بشكلٍ متأخرٍ ودون المطلوب، فنشرت هولندا في المناطق القريبة من الحدود التركية المتاخمة للعراق منظومتينِ من منظومات الدفاع الجوي المعروفة باسم (باتريوت)، وأرسلت بلجيكا وألمانيا وإيطاليا 42 طائرة حربية إلى قاعدة أرهاج العسكرية الجوية في ملطية[8]. وهنا يصعب القول: إن القوات العسكرية التي أرسلتها الدول الحليفة إلى تركيا بناءً على مناشداتها الملحة وهي تبدي مواقف مترددة وتتحدث عن أفكار سياسية مختلفة- كانت كافية لإظهار التضامن في حلف الناتو وقوته الرادعة.
وخلال الأشهر التي كانت فيها المنطقة ذاهبة إلى حرب الخليج الثانية إثر احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في آذار 2003 طلبت تركيا رسميًّا من حلف الناتو أن تفعّل المادة الرابعة من معاهدة واشنطن للتشاور في التدابير التي يجب أن يتخذها كل عضو في الحلف قبيل حرب الخليج الثانية من أجل حماية شعبها وأراضيها من أسلحة الدمار الشامل التي أيقنوا بوجودها في العراق. فلم تطبق الدول الأعضاء في حلف الناتو مرة أخرى أحكام المعاهدة الخاصة بتركيا، ولم ينعقد الاجتماع الاستشاري الذي طلبته تركيا، والذريعة التي اعتمدوها في ذلك هي أن دول الحلف الأوربية، مثل بلجيكا وألمانيا وفرنسا كانت تعتقد أن الحرب التي ستحصل في العراق هي حرب "ناتجة عن مواقف غير مشروعة تبنتها الإدارة الأمريكية، وتنتهك المبادئ الأساسية الواردة في الفصل الأول من ميثاق الأمم المتحدة"، ومن هنا فهي غير مضطرة إلى أن تؤدي مسؤولياتها التحالفية تُجاه تركيا أو الولايات المتحدة الأمريكية[9].
الجدل حول (الدرع الصاروخي) في نظام الدفاع الجوي لحلف الناتو:
(الدرع الصاروخي) هي امتدادٌ لمشروع الدفاع الصاروخي الوطني الأمريكي الذي أطلقته إدارة كلينتون في التسعينيات، ويعود جذوره إلى مبادرة الدفاع الإستراتيجي أو المشروع المعروف بــ(حرب النجوم) الذي أطلقته إدارة ريغان في الثمانينيات، وكان هذا الدرع الصاروخي سببًا في حصول مشكلات بين تركيا والدول الحليفة في الناتو. وبعد أن أحرزت الولايات المتحدة الأمريكية نجاحاتٍ كبيرة في تطوير أنظمة الدفاع الجوي في النصف الثاني من التسعينيات قررت أن تتشارك مع حلفائها وحداتها العسكرية الموجودة في العالم كله وقدراتها من أجل حماية كامل أراضي الدول الأعضاء في حلف الناتو[10].
لقيت المحاولات الأمريكية لبناء نظام الدرع الصاروخي في أول ظهوره على الأجندات معارضةً حتى من قبل بعض حلفائها[11]. والذريعة الأساسية في معارضة الدول، مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا لنظام الدرع الصاروخي أنها ترفضه من حيث المبدأ. فمحاولة إحدى الدول المكلَّفة بالدفاع المشترك في إطار حلف الناتو تطوير آلية دفاعيةٍ تتلاءم مع ظروفها الخاصة وبشكلٍ مستقلٍّ عن الدول الأخرى- أدت إلى ردود أفعالٍ مبدئية[12]. واعتقدت الدول الأوربية الأعضاء في الناتو أنها ستعود إلى المخاوف التي كانت تراودها في سنوات الحرب الباردة إذا ما بنت الولايات المتحدة الأمريكية درعًا صاروخيًّا مؤثِّرًا على الصعيد الوطني[13].
ومع مرور الوقت اضمحلّ اختلاف المقاربات التي كانت موجودة بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا والمتعلقة بتقييم تهديدات هذه المسألة؛ بعد هجمات 11 سبتمر 2011، وفي قمة الناتو التي عُقِدت في براغ عاصمة جمهورية التشيك في تشرين الثاني 2002 تم تبني مبدأ تطوير نظام الدفاع الصاروخي الوطني الأمريكي (American National Missile Defense) بشكل يشمل جميع دول الحلف[14]. وفي الأعوام المتعاقبة قررت إدارة بوش أن تنصب رادارين في جمهورية التشيك العضو في حلف الناتو، ومنصات مضادة للصواريخ الباليستية في بولندا من أجل اعتراض الصواريخ الباليستية التي يمكن إطلاقها من إيران على الأراضي الأمريكية. لكن إدارة أوباما التي بدأت تحكم البلاد إثر فوزه في انتخابات 2008 أعادت النظر في تقييم تهديد الصاروخ، وألغت هذا القرار الذي اتخذته إدارة بوش[15]. في نهاية هذه التطورات بدأت الأجندات (مرة أخرى) تتناول موقع تركيا الجغرافي وأهميته في إطار محاولات إدارة بوش في البحث عن أراضٍ تنشر فيها نظامًا دفاعيًّا ضد الصواريخ الإيرانية المتموضعة على بعد ألفين و500 كيلومتر[16]، فتصدر القرار النهائي بتطوير الدرع الصاروخي وتموضعه جدول أعمال قمة الناتو التي عقدت في ليسبون في تشرين الثاني 2010. لكن انعكاس اجتماع وزارء الخارجية ووزراء الدفاع الذي عُقِد في بروكسيل في 14 تشرين الأول 2010 على وسائل الإعلام أعطى صورةً بأن تركيا والدول الأخرى الأعضاء في الناتو تتصارع حول تطوير مشروع الدفاع الصاروخي الباليستي من أجل الحلف[17].
تباينت آراء تركيا وبقية الدول البارزة في حلف الناتو حول مشروع الدفاع الصاروخي الخاص بالناتو في ثلاث قضايا أساسية[18]: أولاها أن تركيا أرادت أن تعتبر المشروع مشروعًا يخص الناتو أكثر من كونه مشروعًا أمريكيًّا. فتركيا بعد أن استخلصت الدروس والعبر من التطورات التي حصلت سابقًا لم ترد أن تشهد مرة أخرى أمريكا وهي تتخذ قرارات تتحكم فيها بمفردها، ولا أن تشهد انتزاع صواريخ الجوبتر من أراضيها بعد أزمة الصواريخ الكوبية. وكانت تركيا تملك شكوكًا حول ما إذا كان النظام الجوي الأمريكي من أجل حماية تركيا أم من أجل حفظ أمن إسرائيل. وثانيها أن تركيا رفضت أن يشير الحلف بالاسم إلى إيران التي تربطها بها علاقات الصداقة بأنها مصدر التهديد[19]. والسبب المهمّ وراء هذا الموقف الذي اتخذته تركيا هو مخاوفها من استعمال ذلك من قبل إيران ذريعةً لها في تطوير قدراتها الصاروخية، لكن هذه المقاربة التركية فُسِّرت عند بعض دول الحلف بأنها ابتعادٌ عن الولاء للغرب وتقربٌ من إيران. أما الموضوع الثالث الذي تحفظت عليه تركيا في قمة ليسبون فهو أن يغدو كل شبر من أراضيها محمية بنظام الدفاع الصاروخي[20]. ففي خضم الجدل في قمة الناتو التي جرت في ليسبون في تشرين الثاني 2010 تم تبني مشروع الدرع الصاروخي الذي يهدف إلى حماية أراضي جميع الدول الأعضاء في الحلف ووحداتها العسكرية وشعوبها من تهديدات الصواريخ الباليستية. وفي قمة شيكاغو في أيار 2012 دخل نظام الدرع الصاروخي موضع التنفيذ، ووحداته التي بُنِيَت في تركيا هي نظام الرادار في قراجيك بملطية.
- تصورات التهديدات المشتركة والفرص ومجالات التعاون:
في الفقرات السابقة تناولنا بعض الموضوعات التي تعكس جوهر المشكلات البنيوية والأزماتية التي برزت في علاقة تركيا وحلف الناتو على مدى 60 عامًا، آخذين بعين الاعتبار هدف هذه الدراسة وإطارها ومن دون الخوض في تفصيلات أوفى. ومن الإجحاف الزعم بأن تركيا عاشت باستمرارٍ مشكلات مع حلف شمال الأطلسي الذي يعد أكثر المنظمات وزنًا وقوة تأثيرية نسبية من بين المنظمات العالمية التي تنتمي إليها تركيا، وأنها لم تر أي فائدة من الإسهامات التي قدمتها للحلف فضلًا عن الحصول على ما يوازي قيمة الإسهامات[21].
ينبغي تقديم مقترحاتٍ حول سياساتٍ ملموسةٍ من خلال استخلاص الدروس من الأخطاء يتجاوز تناول التطورات التي حصلت في الماضي بمقاربةٍ تقتصر على الانتقاد إلى تقييم طرق كل من الطرفين في الاستفادة المتبادلة والمثلى من قدراتهما وإمكاناتهما العسكرية، ومجالات تأثيرهما السياسي، وماهية الفرص ومجالات التعاون الموجودة، وماهية تصورات التهديد المشتركة. تبلغ التهديدات التي تتصورها الدول الأعضاء في حلف الناتو أبعادًا جادةً من الناحية النوعية والكمية، ويغدو ردعها أو التغلب عليها أمرًا أكثر صعوبةً وتعقيدًا. فإلى جانب المواضيع التي كانت في أجندة حلف الناتو طيلة سنوات الحرب الباردة من قبيل انتشار أسلحة الدمار والإرهاب والصراعات الإقليمية وعمليات السلام- باتت تندرج في جدول أعمال اجتماعات قمة حلف الناتو ولاسيما في الأعوام العشرة الأخيرة قضايا تبدو للوهلة الأولى قضايا غير عسكرية، وتتطلب خبرة خاصة، مثل الأمن الإلكتروني والحروب الهجينة وأمن طرق الطاقة والقرصنة والهجرات الجماعية والتغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، وذلك خوفًا من أنها تشكل تهديدًا للأمن والسلام والاستقرار على الصعيد المحلي والدولي. دخل حلف الناتو في فترة تحولٍ لاتخاذ تدابير فعالةٍ على نطاقٍ واسعٍ ضد التهديدات المذكورة نتيجة تغير بنيته وطبيعته، والحفاظ على خاصيته الرادعة. وفي مدينة نورفولك في ولاية فيرجينيا الواقعة على السواحل الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية توجد واحدة من أهم قيادات حلف الناتو، ألا وهي تحويل قيادة الحلفاء.
التعاون لمكافحة الإرهاب العالمي:
إن مكافحة الشبكات الإرهابية العالمية التي باتت تتصدر جدول أعمال حلف الناتو نتيجة الاهتمام البالغ من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بعد هجمات 11 أيلول- هي واحدةٌ من أهم العناوين في تصورات التهديد المشتركة لدى الدول الحليفة. إذ أصبحت العمليات العسكرية التي تُسَيَّر في بلدان تكثر فيها المجموعات الإرهابية، مثل أفغانستان، والقيام بمبادرات سياسية ومالية واقتصادية ودبلوماسية متعددة المناحي للحيلولة دون وصول الموارد المالية والدعم اللوجستي إلى الجماعات الإرهابية ومنعها من حشد المؤيدين لها- أفعالًا مشتركة تقوم بها الدول الأعضاء في الحلف. وإن احتمالية حصول الجماعات الإرهابية على أسلحة الدمار الشامل واستعمالها في هجماتها هي أهم تهديدٍ تتفق عليه دول الحلف[22]. والأعمال الرامية للحد من هكذا مبادرةٍ لا يمكن أن تتحقق بإمكانات وقدرات دولة واحدة مهما كانت متطورة. فهناك حاجة إلى تعاون وتنسيق قويين ومستمرين، ولاسيّما في مجال الاستخبارات. ومن المهمّ جدًّا من أجل تحقيق هذا الهدف أن تطبق جميع دول الحلف القرارات التي تُتَّخذ سواء في الأمم المتحدة أم في حلف الناتو بشكل فعال[23].
في حزيران 2005 أَسّست تركيا المركز الأعلى لمكافحة الإرهاب (TMMM) في بنية هيئة الأركان العامة، وذلك في إطار القرارات التي اتُّخِذت لبناء مراكز عليا ترشد صناع القرار، ومن خلال أعمالها في قمة حلف الناتو التي عقدت في براغ في تشرين الثاني 2002 من أجل مكافحة التهديدات القديمة والجديدة[24]. والمركز الأعلى لمكافحة الإرهاب منظمة عسكرية دولية يعمل فيها ضباط من سبع دول أعضاء في حلف الناتو[25] إضافة إلى تركيا، ويقدم الخدمات للموظفين المدنيين والضباط متوسطي ورفيعي المستوى من الدول الأعضاء في الحلف والدول التي لها شراكة مع حلف الناتو في محافل مختلفة. ويقيم المركز الأعلى لمكافحة الإرهاب سيمينارات وندوات وورشات عمل وغيرها من الفعاليات في موضوعات متعددة، مثل استنزاف الموارد المالية للإرهابيين، ومكافحة الانتحاريين، والعلاقة بين الإرهاب والإعلام، ودراسة أسس الإرهاب الأيديولوجية... وتُقدِّم الإسهامات الأكاديمية للأعمال التي تُسيَّر في مقر حلف الناتو بخصوص مكافحة الإرهاب.
نتائج انهيار سلطة الدولة والتغيرات المناخية: القرصنة والهجرة
إن حماية (نمط الحياة الغربية) السائد في الدول الأعضاء التي تتمتع بمستوياتٍ معيشيَّةٍ عاليةٍ من التهديدات التي قد تأتيها من الخارج- هي واحدة من أهداف تأسيس حلف الناتو. ففي فترة الحرب الباردة عُدَّت القدراتُ العسكرية التي يملكها الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو الذي يقوده عنصرًا يهدد نمط الحياة الغربية. وفي الفترة التي تلت فترة الحروب الباردة تبلور هذا التهديد في الغموض وانعدام الاستقرار الذي خلفته الصراعات الإقليمية على أساس العرق والدين، وأصبح الإرهاب العالمي في مطالع الألفينيات مصدر هذا التهديد، واتُّخِذَت التدابير التي ذُكِرت آنفًا.
وفي فترة السنوات العشر الأخيرة ظهرت تنظيمات إرهابية وعصابات لا تتورع عن استعمال العنف من أجل تحقيق أهدافها عند فراغ السلطة الذي تخلِّفه حكومات لم تبذل جهودًا كافية للقيام بما تستلزمها الدولة على أرض الواقع رغم وجودها السياسي على الورق في منطقة آسيا والمحيط الهادي وقسم مهمّ من إفريقيا. وبات الوصول إلى الاحتياجات الأساسية من الماء والغذاء الجيد نتيجة التغيرات المناخية التي أطلَّت بشكل أكبر في هذه المناطق محدودًا للغاية. وبدأت البلدان الأوربية في المراحل المتقدمة تَعُدّ موجات الهجرة نتيجة الإرهاب والتغيرات المناخية تهديدًا موجّهًا لأنظمتها العامة[26].
وبلغت حركة الهجرة العالمية والمتسارعة بفعل الحروب الأهلية الجارية وأوساط الفوضى في منطقة الشرق الأوسط مستوياتٍ تزعزع بشدةٍ بعض دول حلف الناتو التي تعاني حاليًا أزمات اقتصادية. وتقدّم تركيا دعمًا شاملًا للعناصر البحرية التابعة لحلف الناتو، ولاسيما في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط من أجل الحدّ من موجات الهجرة والتحكم بالظروف التي يعيشها ملايين اللاجئين الذي يجازفون بحياتهم بهذه الطريقة[27]. وبشكلٍ مشابهٍ استُعمِلت سفينة الفرقاطة لصدّ القرصنة النشطة في المحيط الهندي والسواحل الشرقية لإفريقيا، وذلك في إطار القرارات التي اتخذه حلف الناتو[28].
مواقف الحلف المشتركة أمام سياسة القوة التي تتبعها روسيا:
إن الحديث عن ضمّ جورجيا وأوكرانيا من مخلفات الاتحاد السوفياتي القديم إلى حلف الناتو منذ أواسط مطلع الألفينيات، وما أدى إليه من توتر في العلاقات بين روسيا وحلف الناتو، وقيام روسيا بتحركات عسكرية ضد جورجيا، و(حرب الأيام الخمسة) التي حصلت بينهما؛ أثّرت سلبيًّا في الأمن العالمي، وفي السلام والاستقرار في منطقة أوراسيا. وقد أرادات روسيا من ذلك أن ترسم حدود توسع حلف الناتو.
فالتصور الذي بدأ يتبلور لدى روسيا باتجاه اندماج أوكرانيا إلى الاتحاد الأوربي، وتوسع حلف الناتو لتصبح أوكرانيا جزءًا منه في ظل تحول مشروع الدرع الصاروخي برمته إلى وضع عملياتي من جهة، والأجواء التي خلقتها العلاقات السياسية والاقتصادية المتزايدة بين أوكرانيا والاتحاد الأوربي من جهة ثانية- أدّيا إلى إعلان القرم استقلاله من أوكرانيا في آذار 2014 وانضمامه إلى روسي نتيجة العمليات التي نفذتها روسي من خلف الكواليس بالإمكانات والقدرات التي تملكها في المنطقة. وهكذا تحولت أوكرانيا إلى ساحةً صراعاتٍ كثيفةٍ بين القوى الموالية للاتحاد الأوربي في غرب نهر دنيبر والقوى الموالية لروسيا في شرق نهر دنيبر. ورغم انخفاض حدة الصراعات على نطاقٍ كبيرٍ إثر المبادرات الدبلوماسية الدولية؛ فإنه لا يمكننا أن نتحدث عن زوال تصعيد التوتر والصراع كليًّا، إذ تبدو أوكرانيا على أرض الواقع مقسمة سياسيًّا إلى شطرين. ورغم أنها لم تعدّ ساحة لصراعاتٍ مفتوحةٍ، فإن التهديدات التي تشكلها الحشود العسكرية الروسية والمناورات التي تقوم بها في دول البلطيق الناتجة عن الاتحاد السوفياتي السابق- تدفع عددًا من الدول الأعضاء في الناتو إلى حشد جنودها وعناصرها الجوية والبرية والبحرية في أراضي حلفائها في المنطقة، وتقوم بمناورات متتالية. وهذه الخطوات التي اتُّخِذت بصورةٍ متبادلةٍ في المجال العسكري والخطابات السياسية الحادة تزيد من حدة التوترات. ويبدو أن روسيا تحنّ إلى نفوذها القديم في الدول الحليفة أيام الجمهوريات السوفييتية، وتحاول إعادة تأسيس نفوذها في منطقة أوراسيا.
أضف إلى ما سبق؛ أن روسيا وقفت إلى جانب النظام السوري بإمكاناتها وقدراتها العسكرية القوية في تشرين الأول 2015، وصارت لها يد في أوساط الفوضى والحروب الأهلية التي تدور رحاها في سوريا منذ آذار 2011، فبرزت صعوبات كبيرة في تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ولا يمكن ضمان عدم تكرار أوساط الأزمة العميقة التي حصلت قبل عامٍ مضى في العلاقات السياسية التركية الروسية بعد إسقاط طائرة عسكريةٍ روسيةٍ من قبل طائرات نفاثةٍ تركيا والتي تحسنت اعتبارًا من تشرين الثاني 2016، ولا يزال القلق التركي قائمًا من الحشود الروسية العسكرية القوية في المناطق الشمالية والجنوبية، وتحركها الفعال في ميادين القتال. ففي الفترة الحساسة التي تمرّ بها القوات المسلحة التركية بعد محاولة انقلاب 15 تموز 2016، وتكافح فيها التنظيم الإرهاربي الانفصالي داخل القطر من جهةٍ، وتقوم بعمليات شاملةٍ من أجل عدم تمكين مبادرات (الأمر الواقع) التي تطلقها بعض الدول الإقليمية خارج القطر ولاسيّما في سورية من جهةٍ أخرى- يجب أن نتابع بحذرٍ احتمال عودة التوتر بين تركيا وروسيا، واندلاع الصراعات بين هذا البلد والحلفاء تبعًا للتطورات الجارية.
لا شك هنا أن الإسهامات المهمّة التي قدمتها (ضمانات الأمن الوضعي) التي يؤمّنها الحلف للأمن القومي في تركيا منذ انضمامها إليه عام 1952 حقيقةٌ واقعة، وأن أقوى قوةٍ رادعةٍ للتهديدات الناجمة من وجود عشرات آلاف السلاح النووي الذي كان يملكه الاتحاد السوفياتي في فترة الحروب الباردة هي السلاح النووي الأمريكي الذي وُضِع قسمٍ منه في تركيا، و(المظلة النووية)" التي كُوِّنت تبعًا لذلك[29]. وكذلك قوة الردع الموجودة لدى حلف الناتو كانت مؤثرةً ضد التهديدات التي يمكنها أن تأتي من روسيا التي تتبع سياسة القوة (العدوانية) في الفترة الأخيرة وفق التصور التركي. وقد أفاد المراقبون العسكريون والسياسيون أن التصريحات الواضحة التي قدمها مجلس شمال الأطلسي الذي يعدّ أعلى جهاز يصنع القرار في حلف الناتو حول تضامنه مع تركيا في العلاقات التي توترت فجأةً بعد إسقاط الطائرة النفاثة الروسية في 24 تشرين الثاني 2015؛ حالت دون تفاقم الأزمة، وأسهمت في تهدئة الأطراف، وحالت دون تحولها إلى صراعٍ مفتوحٍ ولو على نطاقٍ صغير[30].
تضامن الحلف في وجه تداعيات الحرب الأهلية في سورية:
تحركت أنقرة مع المعارضة السورية التي قاومت النظام في الشام، وكان من تداعيات هذا التحرك أن أسقط عناصر الدفاع الجوي السورية طائرة الاستخبارات العسكرية التركية في المجال الجوي الدولي في شرق البحر الأبيض المتوسط في 22 حزيران 2012، الأمر الذي أودى بالبلدين إلى حافة صراعاتٍ ساخنة. وكان (الربيع العربي) قد اجتاح قسمًا مهمًّا من دول الشرق الأوسط اعتبارًا من كانون الأول 2010 حتى وصل إلى سوريا في آذار 2011. فبينما كانت العلاقات التركية السورية المليئة بالمشكلات التاريخية تشهد تحسنًا منذ النصف الثاني من مطالع الألفينيات بدأت تظهر مشكلات كبيرة في العلاقات بين الشام وأنقرة؛ نظرًا لاستعمال النظام السوري القوة العسكرية في وجه شعبه وقيامه بمجازر أودت بحياة المدنيين الأبرياء.
على الرغم من أن الدول الأوربية الأعضاء في الحلف لم تكن تحبذ -كما تحدثنا آنفًا- أن تعيش تركيا وهي عضو في الناتو مشكلات في علاقاتها مع جيرانها من دول الشرق الأوسط فإنها على خلاف الماضي قدمت تصريحاتٍ واضحةً وعلنيةً، وأعلنت عن تضامنها مع تركيا إثر مناشدات أنقرة، وأن تأمين أمن الأراضي التركية والشعب التركي ضد أي هجومٍ قادمٍ من سورية مسؤولية الحلف المشتركة. وتقرر بناءً على ذلك بناء أنظمة الدفاع الجوي باتريوت التي طوّرتها ألمانيا وهولندا والولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة الجنوبية والجنوبية الشرقية من الأناضول قريبًا من الحدود السورية، وبدأت هذه الأنظمة تعمل منذ تشرين الثاني 2012.
وهنا، عندما نتذكر مواقف الحلفاء المقاومة لتصورات تركيا حول التهديدات طيلة سنوات طويلة، والمتباطئة حيالها، بل المعارضة لها من حينٍ لآخر من جانب، ونجد إبداءها وقوفًا قويًّا مؤثرًا بجانب تركيا في أوساط الأزمة الحاصلة مع سورية من جانب آخر- نجد أنها تعطي رسالةً بأن علاقاتها ستكون بالمستوى المطلوب في المستقبل. ويمكن القول إن التغيرات الإيجابية التي حصلت في مواقف الدول الحليفة الأوربية تحديدًا ناجمة من رؤيتها بشكل واضحٍ للأبعاد التي يمكن أن تبلغها المشكلات التي برزت في الشرق الأوسط إن لم تُحلّ داخليًّا وكذلك عن أزمة اللاجئين ذات المنشأ السوري.
- المقترحات السياسية:
تتطلب العلاقات التحالفية تضحيات متبادلة عند الضرورة. بالرغم من إمكاناتها الاقتصادية والمالية والعسكرية المحدودة مقارنةً مع بعض البلدان المتقدمة في حلف الناتو عملت تركيا بمبدأ (تشارك الأعباء)، وقد قدّمت إسهامات في عدد من المسائل الأمنية، مثل قوات التنفيذ (IFOR) [31] وقوات الاستقرار (SFOR) [32] وقوات كوسوفو (KFOR) [33] في بلاد البلقان، وقوات دعم الأمن الدولي (ISAF) [34] في أفغانستان، ولواء جنوب شرق أوربا، ومهمة التدريب في العراق، وقوات المهام المشتركة البحرية في البحر الأسود وإيجة والبحر الأبيض المتوسط والقرن الإفريقي، وعمليات الاستكشاف الجوية في منطقة البلطيق، لكن إسهاماتها هذه لم تلق التقدير المناسب من قبل الحلف. نذكر فيما يأتي ما يجب فعله في هذا الخصوص:
- التأكيد بشكلٍ واضحٍ وصريحٍ على أن كل دولةٍ من الدول الأعضاء في الحلف مسؤولةٌ عن الدفاع عن تركيا في حال تعرض أراضيها لهجومٍ مسلحٍ كما هو واردٌ بوضوح في المادتين الخامسة والسادسة وبما يتوافق مع نص حلف شمال الأطلسي الذي وُقِّع عليه في واشنطن عام 1949م. وسيَعكس هذا الأمر -عندما يحصل- تأثيرًا إيجابيًّا في الأعمال الرامية إلى تبديد شكوك الشعب التركي حيال حلف الناتو.
- يجب على وحدة الدبلوماسية العامة في حلف الناتو (الذي يترأسه السفير طاجان إلدام الذي يشغل منصب نائب الأمين العام للناتو) أن تقوم بأعمالٍ تعريفيةٍ شاملةٍ من أجل تعريف الشعب التركي على ما فعله الحلف وما سيفعله مستقبلًا من أجل أمن تركيا عن طريق وسائل الإعلام بشكل واضحٍ وصريح.
- تجب زيادة الإمكانات المالية التي يخصصها الحلف للبحوث والدراسات بشكلٍ يشجع على زيادة عدد المؤسسات والهيئات الإعلامية والمؤسسات الأكاديمية والخبراء الذين يقومون بأعمال تتعلق بالحلف، والإكثار من عدد الكتب التي يكتبها هؤلاء الخبراء والمختصون. بهذا الشكل يمكن خلق تصورات مجتمعية أكثر صحةً بشأن سير العلاقات بين تركيا وحلف الناتو بفضل المنشورات (المقالات والكتب والأطروحات الأكاديمية وغيرها) التي تستند إلى الوثائق والمعلومات الصحيحة التي ستظهر بتسليط الضوء على ما وراء الأحداث المهمّة وماضي هذه العلاقات.
- تعيين موظفين مدنيين وعسكريين باعتبار ذلك مؤشرًا لتضامن بقية دول الحلف مع تركيا. وإنّ التعاون في مكافحة الإرهاب ولو بأعدادٍ رمزيةٍ في المركز الأعلى لمكافحة الإرهاب الذي أُسِّس في بنية رئاسة هيئة الأركان العامة- يمكن أن يخلق تأثيرات إيجابية. (الموظفون الموجودون حاليًّا هم من سبع دولٍ فقط من أصل 27 دولةً عضوًا في حلف الناتو إلى جانب تركيا).
- من الممكن أن تسهم الزيارات المتكررة التي يقوم بها ممثلون رفيعو المستوى من حلف الناتو إلى تركيا، وتواصلهم المستمر مع ممثلين من مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الأكاديمي والإعلام- في بناء أرضية أكثر متانة للعلاقات بين تركيا وحلف الناتو|؛ لأنها تؤمّن معرفة متبادلة بأهداف الطرفين ونياتهما وتوقعاتهما.
- يجب على الممثلين الدبلوماسيين سواء من الجانب التركي أم من جانب دول الحلف أن يبذلوا مزيدًا من الجهود الصادقة حتى يتعرفوا إلى بعضهم ويفهموا بعضهم بعضًا بشكل صحيحٍ في الأوساط التي يعملون فيها.
- يجب على دول الحلف أن تُجري مناورات يشترك فيها آلاف الجنود والقوات التابعة لمئات الوحدات الجوية والبرية والبحري وإن لم يكن هناك أجواء صدامٍ فعليٍّ (شبيهة بمناوراتها التي أجرتها بسبب المواقف الروسية في السنوات الأخيرة التي تم تقييمها على أنّها تهديد)، لأنّها تعطي من خلالها مظهر تضامنٍ قويٍّ للدول الواقعة في جنوب تركيا التي تحتدم فيها الصراعات، وإن كانت بأساليب وأدوات مختلفة، والتي تحصل فيها هجمات تستهدف تركيا بين الحين والآخر، والبلدان التي لها عناصر عسكرية في الميدان.
- ينبغي على الشرائح التي توجه سياسة دول الحلف أن تحذر الحظر والمواقف والأفعال المشابهة التي تخالف مبادئ العلاقات التحالفية، وتؤثر في التعاون في المجال العسكري، ولا تستند إلى المعلومات الصحيحة والكافية متأثرة بالتطورات الجارية في تركيا والعالم، وأن تعمل على حل الموضوعات التي تتضمن اختلاف الآراء السياسية بواسطة الأساليب والأدوات الدبلوماسية في المنصات السياسية.
- إن قيام المؤسسات العاملة في بنية صناعة الدفاع التي تشهد تطورًا علميًّا وتكنولوجيًّا، والشركات التي تبدي فعالياتها في هذا القطاع في تركيا، بتطوير مشروعات مشتركة على المدى الطويل، وبخلق فرص للتعاون المتقارب- يمكن أن يسهم في زيادة القدرات الدفاعية المشتركة لدى الأطراف. ومن هنا يجب تشجيع هذه العملية من قبل الدول الأعضاء في الحلف.
الهوامش والمصادر:
[1] "اعتقال قائد الفرقة الثالثة الفريق أردال أوزترك"، صباح، 16 تموز 2016.
[2] مصطفى كِبار أوغلو، "إستراتيجيات الناتو النووية والسلاح النووي الأمريكي في تركيا"، جمع وإعداد سيفي طاشان، ستون عامًا على وجود تركيا في حلف الناتو: شراكة تبعث الأمن، (معهد السياسات الخارجية، أنقرة)، ص55-72.
[3] مصطفى كِبار أوغلو، "La Turquie, les États-Unis et l’OTAN: Une Alliance Dans l’Alliance"، Questions Internationales، Direction de la Documentation Française Paris، العدد 12، (آذار- نيسان 2005)، ص30-32.
[4] مصطفى كِبار أوغلو، "موقع قبرص الإستراتيجي على محور إيجة-الشرق وخطة عنان"، مجلة المُلْكِيَّة، المجلد 28، العدد 242، (شتاء 2004) ص85-94.
[5] مصطفى كِبار أوغلو، "تأسيس حلف الناتو ومهمته ومستقبله ودور تركيا"، مجلة 2023، (أيار 2004)، ص6-15.
[6] طارق أوغوزلو ومصطفى كِبار أوغلو، "عدم التوافق الحاصل في الثقافة الأمنية التركية والأوربية تقلل من فرص انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي"، دراسات الشرق الأوسط، المجلد 44، العدد 6 (تشرين الثاني 2008)، ص945-962.
[7] مصطفى كِبار أوغلو، "مشكلات تركيا الثلاث: سياسة الأمن والدفاع الأوربية، وقبرص، وشمال العراق"، المجلد 4، العدد 1 (كانون الثاني-أيار 2002)، ص 49-58.
[8] من أجل دراسة مفصلة حول هذا الموضوع انظر: ألب تكين ملا، "أزمات الخليج والعلاقات التركية والأمريكية والناتو بعد الحرب الباردة"، مجلة (Akademik Fener, Balıkesir Üniversitesi Bandırma İ.İ.B.F. Dergisi) 2009، العدد 11، ص39-62.
[9] مصطفى كِبار أوغلو، "الناتو قبل حرب الخليج وبعدها"، مجلة Connections التي تصدر كل ثلاثة أشهر، المجلد 4، العدد 2، (صيف 2005)، ص43-45.
[10] مصطفى كِبار أوغلو، "تركيا ونظام الدفاع الصاروخي الباليستي الموجود لدى الناتو"، مجلة العلاقات الدولية (Uluslararası İlişkiler)، المجلد 9، العدد 34، (صيف 2012)، ص183-204.
[11] مكسيم لاريف، "بناء الدرع الصاروخي الأمريكي في أوربا والعلاقات الثلاثية التي تجمع بين أمريكا والاتحاد الأوربي وروسيا"، سلسلة خاصة في الاتحاد الأوربي وتحليلات ميامي، المجلد 11، العدد 8، (حزيران 2011).
[12] ستيفن أ. هيلدرت وكارل أك، "الدفاع الصاروخي وقمة الناتو في ليسبون"، CRS Report for Congress، 11 كانون الثاني 2011.
[13] مكسيم لاريف، "بناء الدرع الصاروخي الأمريكي في أوربا والعلاقات الثلاثية التي تجمع بين أمريكا والاتحاد الأوربي وروسيا"، سلسلة خاصة في الاتحاد الأوربي وتحليلات ميامي، المجلد 11، العدد 8، (حزيران 2011).
[14] "الدفاع الصاروخي"، الناتو، http://www.nato.int/cps/en/natolive/topics_49635.htm، (تاريخ الدخول: 9 شباط 2017).
[15] "أوباما يدافع عن قراره بتعليق الدرع الصاروخي الأوربي"، فوكس نيوز، 17 أيلول 2009. كول هارفيه، "Obama Shifts Gear on Missile Defense"، رابطة مراقبة الأسلحة Arms Control Association، (تشرين الأول 2009).
[16] سردار أرضورماز، "نظام الدرع الصاروخي وتركيا: هل تحاول الولايات المتحدة الأمريكية أن تفرض على تركيا عبر الناتو ما عجزت عن فرضه بمفردها؟"، تركسام، http://www.turksam.org/tr/makale-detay/356-fuze-kalkani-sistemi-ve-turkiye-abd-tek-basina-gerceklestiremedigi-zorlamayi-nato-kanaliyla-mi-kabul-ettirecek، (تاريخ الدخول: 9 شباط 2017).
[17] كريغ ويتلوك، "خطة الدرع الصاروخي الأوربي يُتوقَّع أن ينال الدعم"، واشنطن بوست، 14 تشرين الأول 2010.
[18] مصطفى كِبار أوغلو، "القبول والقلق: تركيا تحتضن (في الغالب) موقف أوباما من الاتفاق النووي"، Nonproliferation Review، المجلد 18، العدد 1، (أيار 2011)، ص201-217.
[19] تولاي قره دنيز، "تركيا تنادي بعدم إبقاء إيران بعيدًا عن المبادرات التي تقف ضد الدرع الصاروخي"، رويترز، 18 تشرين الأول 2010.
[20] الآراء التي قالها دبلوماسي تركي رفيع المستوى في اجتماع بأنقرة في 4 تشرين الأول 2010 هي مقتبسات من مقالة لمصطفى كِبار أوغلو بعنوان: "القبول والقلق: تركيا تحتضن (في الغالب) موقف أوباما من الاتفاق النووي".
[21] سرحد غُوَنْج، "عصر الناتو وإسهامات تركيا في الأمن عبر الأطلنطي"، العلاقات الدولية، المجلد 12، العدد 45، (ربيع 2015)، ص101-119.
[22] من أجل دراسة أكاديمية نوعية وشاملة حول هذا الموضوع انظر: أولجاي دنيزار، دراسة تقييمية لميول وقدرات العناصر غير الدولة لاقتناء أسلحة الدمار الشامل وقيامها بعمليات إرهابية في الفترة التي تلت الحرب الباردة، أطروحة دكتوراه، المدرسة الحربية البرية، معهد علوم الدفاع/ فرع علوم الأمن، (أنقرة 2014).
[23] مصطفى كِبار أوغلو، "تدابير لمكافحة تهديدات إرهاب أسلحة الدمار الشامل"، جمع وإعداد: فياض آي دوغدو، أبعاد الدفاع التكنولوجيا في وجه الإرهاب، سلسلة علوم الناتو في الأمن والسلام، المجلد 115، (منشورات IOS، أمستردام 2013)، ص63-69.
[24] من أجل الحصول على معلومات شاملة وحديثة عن المركز الأعلى لمكافحة الإرهاب انظر: www.tmmm.tsk.tr
[25] الدول المتحالفة التي تعيّن العسكريين والمدنيين في المركز الأعلى لمكافحة الإرهاب (TMMM) هي الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والمملكة المتحدة وبلغاريا وهولندا والمجر ورومانيا.
[26] بيتر يونغ، "أزمة اللاجئين: تقول إحدى الدراسات إن معظم الأوربيين يؤمنون بأن ازدياد الهجرة يزيد من التهديدات الإرهابية"، إندبندنت، 12 تموز 2016.
[27] "الناتو يقبل مهمة الدورية في إيجة"، إن تي في، 11 شباط 2016.
[28] "الناتو في وجه القراصنة"، راديكال، 11 تشرين الأول 2008.
[29] مصطفى كِبار أوغلو، "مستقبل الردع الموسع: حالة تركيا"، المحرر: برونو طرطريس، وجهات النظر بشأن الردع الموسع، Coll. Research and Documents، العدد 3 (Fondation pour la Recherche Stratégique، باريس)، ص87-95.
[30] كلثوم آلان، "دخل الناتو في مرحلة البحث عن التوازن في الأزمة التركية الروسية"، يورونيوز، 1 كانون الأول 2015، http://tr.euronews.com/2015/12/01/nato-turkiye-rusya-krizi-konusunda-denge-arayisina-girdi، (تاريخ الدخول: 9 شباط 2017).
[31] IFOR (قوات التنفيذ - Implementation Force): قوات السلام متعددة الجنسيات التي تقوم بمهامها في البوسنة والهرسك بقيادة الناتو.
[32] SFOR (قوات الاستقرار- Stabilization Force): هي قوات حفظ السلام التي أرسلت بقيادة الناتو إلى البوسنة والهرسك بعد حرب البوسنة والهرسك.
[33] KFOR (قوات كوسوفو- Kosovo Force): قوات حفظ السلام بقيادة الناتو المسؤولة عن حفظ الأمن في كوسوفو.
[34] ISAF (قوات دعم الأمن الدولي - International Security Assistance Force): قوات حفظ السلام بقيادة الناتو في أفغانستان بعد حرب أفغانستان.