المدخل:
إن الأحداث التي وقعت في قاعدة "شيلادزي" العسكرية ضمن حدود مدينة دهوك التابعة لحكومة إقليم كردستان العراق (IKBY)، يوم السبت 26 كانون الأول 2019 تسبّبت في توجه الأنظار من جديدٍ نحو القواعد العسكرية التركية في العراق. وفي بيانٍ لها حول هذه الأحداث أعلنت وزارة الدفاع الوطنية التركية عن وقوع بعض الخسائر في "العتاد والمواد"، من دون وقوع خسائر في الأرواح إثر الأحداث التي وقعت نتيجة عمليات استفزازية قام بها تنظيم حزب العمال PKK الإرهابي. في المقابل نفت مصادر قريبة من التنظيم الإرهابي ما جاء في بيان وزارة الدفاع التركية، وقالت: إن سكان المنطقة احتجّوا ضد الوجود العسكري التركي في المنطقة، وإن العناصر العسكرية التركية أطلقت النار على المدنيين. ونسب التنظيم الإرهابي سبب هذه الاحتجاجات إلى العمليات الجوية التي نفذّتها تركيا في المنطقة.
ونفى رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان العراق آنذاك نيجيرفان برزاني ما جاء في وسائل الإعلام المقربة من تنظيم PKK، وقال: إن تركيا نفذّت العمليات الجوية ضد عناصر PKK لا ضد القرويين، وعزا سبب هذه العمليات إلى وجود عناصر PKK الإرهابي في المنطقة. واستطاعت تركيا بعملياتها الناجحة في شمال العراق في الآونة الأخيرة، وقضائها على عشرات العناصر من تنظيم PKK، أن تشلّ حركة هذا التنظيم الإرهابي إلى حدّ كبير، وضاق عليه الأمر، فلجأ إلى دعوة سكان المنطقة إلى الاحتجاج على الوجود العسكري التركي في المنطقة. وبهذه الطريقة يريد تنظيم PKK أن يجعل وجود المعسكرات والقواعد العسكرية التركية في المنطقة موضع جدل ونقاش في سياسة العراق الداخلية والسياسات الإقليمية.
يهدف هذا البحث إلى تقييم الأهمية الإستراتيجية التي تحملها القواعد العسكرية التركية في العراق لأمن تركيا. ويتكون من ثلاثة مباحث: في المبحث الأول يتوقف عند الأسباب التي تحتّم على تركيا أن تكون حاضرة عسكريًّا في شمال العراق، وفي المبحث الثاني يشدّد على أهمية شمال العراق لأمن تركيا، وفي المبحث الثالث يتناول الانعكاسات الإقليمية للمعسكرات والقواعد العسكرية التركية خارج حدودها. وفكرة المقال تقوم على ضرورة الوجود العسكري التركي في شمال العراق.