رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

الدور الإيراني تجاه القضية الفلسطينية الأهداف والمحددات

تناقش هذه الدراسة تصاعد الدور الإيراني في القضية الفلسطينية بشكل ملحوظ بعد الثورة الإيرانية عام 1979م، حيث أخذ هذا الدور دفعة كبيرة بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006م، وقد شهدت المرحلة التي أعقبت ثورات الربيع العربي تراجع العلاقات بين إيران وحركات المقاومة الفلسطينية على خلفية قضايا متعددة، أهمّها الموقف من الأزمة السورية، إن الدور الإيراني في القضية الفلسطينية مردّه جملة من الأهداف والمصالح السياسية والإستراتيجية والمذهبية، وقد حكمت المحدداتِ الداخلية والإقليمية للسياسة الإيرانية وعلاقاتها الخارجية هذا الدور وأثّرت في أهدافه.

الدور الإيراني تجاه القضية الفلسطينية الأهداف والمحددات

مدخل

 برزت إيران بوصفها قوةً إقليمية كبيرة في المنطقة... تمتلك إيران من المقومات الأساسية ما يؤهّلها للقيام بدورٍ إقليمي، وتجعلها طرفًا في المعادلات الإقليمية وسياقات النظام الدولي المختلفة، وقد أضفت الثورة الإيرانية منذ قيامها عام 1979م، أبعادًا وخصائصَ مختلفة على السياسة الخارجية ميّزت إيران عن غيرها من دول المنطقة، وأضحت أيضًا مُرتكزًا مهمًّا في رؤيتها وموقفها من القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الموقف من القضية الفلسطينية؛ لكونها قضية مركزية للعرب والمسلمين.

شهدت السياسة الإيرانية بعد الثورة عام 1979م، تحولًا جذريًّا تجاه إسرائيل، وتبوّأت القضية الفلسطينية مكانةً خاصةً في السياسة الخارجية الإيرانية، فكانت محل اهتمام صنّاع القرار في طهران، وسعتْ بقوةٍ لتكون أحد الأطراف المؤثّرة في قضية الصراع العربي الإسرائيلي، وقد شكّل التقارب بين إيران وحركات المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006م- مدخلًا إيرانيًّا مهمًّا للنفوذ الإيراني في فلسطين، وجزءًا من صراع الهيمنة والنفوذ وفرض الإرادة والسيطرة في المنطقة، فأظهرتْ إيران دورًا مهمًّا ومميزًا في دعم القضية الفلسطينية، وأصبحَ الدّعمُ الإيرانيُّ للمقاومة الفلسطينية (السُّنّية المذهب) مثارَ جدلٍ وموضعَ نقاش، وتباينتْ بعض المواقف الفلسطينية والعربية حول صدق التوجهات الإيرانية لهذا الدعم وأهدافه الإستراتيجية في المنطقة، الذي يعدّهُ البعض ورقةً سياسيةً تناورُ بها إيران في إطارِ سياستها الخارجية الإقليمية والدولية. 

أدّت الثورات العربية أواخر عام 2010م إلى إحداثِ جملة من التحولات والتغيرات في المنطقة العربية، وتركت هذه الثورات آثارًا مهمّة على شكل ومستقبل التفاعلات والتحالفات والأدوار الإقليمية والدولية فيها، وفي مقدمتها الدور الإيراني تجاه القضية الفلسطينية، ولا شكّ أن المحددات الداخلية والإقليمية للسياسة الإيرانية وعلاقاتها الخارجية أدّت دورًا مهمًّا في فهم توجهات إيران تجاه القضية الفلسطينية، إنّ اختلاف الرؤية تجاه القضية الفلسطينية وقضية التسوية من أهم القضايا الخلافية بين إيران من جهة، وبين بعض الدول العربية والدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة من جهة أخرى، والتي أثّرت من ثَمّ في طبيعة العلاقات بين هذه الأطراف. إن غياب إستراتيجية عربية موحدة للتعامل مع القضية الفلسطينية في ضوء هذه التحولات سمح بتسليطِ الضوء على الدور الإيراني في القضية الفلسطينية، ولذلك تُطرَح تساؤلات جوهرية حول طبيعة هذا الدور وأهدافه ومحدداته.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...